الأربعاء، مارس 03، 2010

تاريخ شبه الجزيرة العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة والأخوات, بين أيديكم ملخص عن تاريخ شبه الجزيرة العربية , بشكل مبسط , تم تسليط الضوء على الجوانب المهمة التي يجب معرفتها, وهي معلومات صحيحة وموثقه .

حدود شبه الجزيرة العربية
شبه الجزيرة العربية هي تلك المنطقة التي أكثرها صحاري و تقع في جنوب غرب قارة آسيا عند تلاقي قارة آسيا مع قارة أفريقيا. ولها حدود بحرية من الشمال الغربي تتمثل في البحر الأحمر وخليج العقبة ، ومن الجنوب بحر العرب ومن الجنوب الشرقي خليج عمان والخليج العربي وتضم شبه الجزيرة من الناحية السياسية حاليا عدة دول هي المملكة العربية السعودية واليمن وعمان والأردن والإمارات والكويت وقطر والبحرين.
وتقدر المساحة الإجمالية للجزيرة العربية بـ (3,000,000) كيلو متر مربع أغلبها مناطق صحراوية غير مستغلة على الرغم أن العديد من الدراسات الجيولوجية الحديثة قد أثبتت أن جزيرة العرب كانت قبل حقب زمنية بعيدة واحة خضراء تجري فيها الأنهار وتعج بمظاهر الحياة المتنوعة , وذلك قبل أن تغلب عليها البيئة الصحراوية , الأمر الذي جعل اختيارها مكانا مناسبا لحياة الإنسان منذ أقدم العصور. وقد حبى الله سبحانه وتعالي أراضي الجزيرة العربية بالكثير من النعم والخيرات الطبيعية التي جعلت من هذه المنطقة مركزا اقتصاديا ومحورا مهما يلعب دور كبير وحيوي على الساحة الدولية وتكتسب شبه الجزيرة العربية أهمية دورها الاقتصادي بما تمتلكه من آبار النفط وكمية المخزون من احتياطي النفط العالمي داخل أراضيها.


أقسام شبه الجزيرة العربية
تنقسم إلى أقاليم ومناطق جغرافية مختلفة فقد قسم الإغريق والرومان الجزيرة العربية إلى العربية السعيدة والتي تمثلت في اليمن ، والعربية الصحراوية وهي ما كان فوق اليمن من الجزيرة العربية ، والعربية الصخرية وهي من أعلى الحجاز حتى منطقة غرب الفرات والبتراء وبصرى في سوريا ، أما التقسيم الحالي لشبه الجزيرة العربية فهو عبارة عن عدة دول مستقلة وهي دول الخليج واليمن والأردن بالإضافة إلى المناطق الغربية من العراق. ومن مناطق شبه الجزيرة العربية الكبرى أيضا,عسير والنفود والربع الخالي.

كما قام المؤرخون المسلمون بتقسيم شبة الجزيرة العربية إلى عدة أقسام كالتالي:
1- الحجاز وهو المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية حاليا ومن مدنها الرئيسية مكة المكرّمة والمدينة المنورة وجدة والطائف وخيبر. ويأتي على رأس أشهر القبائل العربية التي استوطنت الحجاز قديمًا قبيلة قريش في مكة و هي التي ينتسب إليها سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدون والأمويون و العباسيون والأوس والخزرج في المدينة المنورة.
2- نجد وهي الهضبة الواسعة التي تقع في وسط شبه الجزيرة العربية وتشمل المناطق الواقعة مابين بادية السماوة في الشمال والدهناء في الجنوب وأطراف العراق شرقا والحجاز غربا وهي أوسع أقاليم شبه الجزيرة ويتخللها الكثير من الأودية مثل وادي الرمة ووداي حنيفه ووادي عاقل لذلك كانت نجد أطيب أقاليم شبه الجزيرة.
وقد كانت نجد الموطن القديم للكثير من القبائل العربية الكبيرة، وشهدت مولد الدعوة الإصلاحية التي قامت على أساسها الدولة السعودية بمراحلها الثلاث. ويقع معظم ما يعرف بنجد حالياً ضمن حدود المملكة العربية السعودية، وتقع بها العاصمة الرياض.
3- العروض: تشمل اليمامة والبجرين وما والاهما وسميت عروض لأنها تعترض بين اليمن والعراق ونجد وكانت اليمامة تسمى قديما "جوا" وذلك عندما نزلتها طسم وجديس فعرفت باليمامة وقاعدتها في القديم مدينة حجر أما البحرين فإقليم فسيح قريب من الخليج العربي وكانت قاعدتها "هجر" وقصبة هجر الاحساء.
4 - اليمن: منطقة واسعة تمتد حدودها من تهامة إلى العروض وسميت بذلك الاسم لتيامن العرب إليها لأنها أيمن الأرض وعرفت عند العرب بالخضراء لكثرة مزارعها ونخيلها وثمارها كما عرفت عند اليونان ببلاد العرب السعيدة.
5 – تهامة : هي السهل الساحلي الضيق الذي يحاذي ساحل البحر الأحمر في الجزيرة العربية. وهو يفصل بين البحر الأحمر في الغرب وجبال السروات في الشرق ويمتد من خليج العقبة شمالاً حتى اليمن جنوباً وجاء اسم تهامة من التهم وهو شدة الحر وركود الريح ، ولانخفاض أرضها سميت بالغور ، وقد أصبح في العصر الحديث يقسم إلى ثلاث مناطق رئيسية هي "تهامة الحجاز" في الشمال بمحاذاة جبال الحجاز و "تهامة عسير" في الوسط بمحاذاة جبال عسير و "تهامة اليمن" ضمن حدود الجمهورية اليمنية.
شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام
شبه الجزيرة في هذه الفترة تقسم إلى ثلاثة أقاليم رئيسية هي:
* بلاد الحجر العربية وتقع بشمال شرق الجزيرة وتقع بين فلسطين وشرق البحر الأحمر وكان يطلق عليها البتراء وهي تقع حاليا في الأردن.
* بلاد العرب السعيدة ومن قلبها وشرقها تمتد الصحراء العربية الكبرى وكان يعيش في مفازتها القبائل العربية.
* الإقليم الثالث يضم بقية شبه الجزيرة العربية بلاد الحجاز وتضم المناطق الجبلية والرملية وساحل شرق البحر الأحمر ابتداء من جنوب العقبة حتى جدة كما تضم مكة والمدينة. وفي جنوب الحجاز تقع بلاد اليمن. ويمتد هذا الإقليم إلي سواحل حضرموت والإحساء وعمان علي المحيط الهندي من خليج عدن حتى مدخل الخليج العربي. وفي وسط الجزيرة العربية تقع هضبة نجد الخصبة.
ومن هنا قام المؤرخون بتصنيف العرب إلى ثلاث طبقات:
* العرب البائدة : وهم الذين طمست آثارهم ولم يسجل لهم التاريخ إلا صفحات مشوهة .وأشهر قبائلهم عاد وثمود وطسم وجديس.
* العرب العاربة: وهم عرب الجنوب ويرجع أصلهم إلى قحطان بن هود عليه السلام ومن أشهر قبائلهم: حمير وسبأ وكهلان وكان موطنهم اليمن حسب الدراسات التي قام بها معظم المؤرخون فقد استنتج أن العرب القحطانيين هم أصل العرب وأن الهجرات السامية كانت منهم.
* العرب المستعربة : ويرجع أصلهم إلى عدنان ثم إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام .
ملاحظه:
هناك إجماعا تاما بين النسابين على أن العرب المستعربة تنحدر من إسماعيل (عليه السلام) وبتأييد من القرآن الكريم الذي لم يشر مع ذلك إلى انحدار العرب من جدين كبيرين أو أكثر ولم يذكر قط قحطان ولا عدنان بل خاطب العرب المسلمين بكونهم من نسل إسماعيل بن إبراهيم.
وقد انتشرت قبائل العرب في العصر الجاهلي في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية . وكانت كل قبيلة تتمتع بالحكم الذاتي والاستقلال التام. وكانت غير موحدة في كيان سياسي لهذا كان الإسلام هدفه الأول جمع هذه القبائل معا لتكوين أمة الإسلام. حيث ذابت هذه القبائل في إطار ديني وهو الجماعة. وكانت مكة المكرمة هي المكان الذي جمع تلك القبائل , وأضفى وجود البيت الحرام في مكة قدسية على هذه المدينة المقدسة وقد حافظ أهل قريش علي هذه المسحة المقدسة والمكانة المرموقة لمدينتهم لهذا لما هدمت السيول الكعبة كانت قريش حريصة علي إعادة بنائها ثم تأتي حادثة الحجر الأسود المعروفة والتي اختلفوا فيها على من ينال شرف وضع الحجر الأسود وكان رأي نبي الله المصطفي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , هو الأرجح لديهم وقد ارتضوا حكمه ولم يعارضوه لما كان له فيهم من مكانة حيث أنه كان أرجحهم عقلا وأكثرهم منطقا وصدقا. فلم ينشقوا عن حكمه.
أهمية شبه الجزيرة العربية
تكتسب شبه الجزيرة العربية الأهمية التاريخية من خلال احتضانها للعديد من الحضارات كما أنها كانت مهداً للرسالات السماوية. وقد أشارت الاكتشافات الأثرية إلى وجود أقدم الحضارات التاريخية على مستوى الجزيرة العربية في منطقة نجران التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية ويحدها من الشرق صحراء الربع الخالي ومن الغرب منطقة عسير ومن الشمال منطقة الرياض ومن الجنوب الشريط الحدودي مع الجمهورية اليمنية ، حيث تمتد أصول حضارتها وحسب آخر الاكتشافات الأثرية إلى العصور الحجرية حيث عثر الباحثون فيها على آثار حضارة إنسانية تعود إلى أكثر من 25 ألف عام أي إلى أواسط العصر الحجري ، كما عثر الباحثون على أثر بحيرات قديمة جداً تلاشت في العصر الحالي تدل على أن تلك المنطقة الواقعة في أحضان الربع الخالي كان لها أهمية تاريخية.
وتعود أقدم الحضارات المكتشفة في أرض الجزيرة العربية إلى حضارتي العبيد ودلمون اللتين ازدهرتا في منطقة الإحساء والخليج العربي, حيث اكتشفت أقدم آثار الحضارة الإنسانية في الجزيرة العربية حتى الآن وقد جاء ذكر دلمون في الكتابات المسمارية القديمة التي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد والتي وجدت في بلاد الرافدين وشمال سوريا وحاول العلماء معرفة مكان دلمون التي وصفت بأرض الخلود.
وقد ازدهرت العديد من الحضارات في شبه الجزيرة ثم بادت, ومنها قوم عاد الذين سكنوا الجزيرة العربية, وبلغوا حدا عظيما من القوة والسلطان, وأرسل الله إليهم نبيه هود عليه السلام ولكنهم طغوا عليه فأهلكهم الله بالصاعقة. ومن خلال الأبحاث التاريخية والدراسات يتوقع الباحثون أن مساكن عاد كانت في أرض "الأقحاف" والتي اختلفت الآراء على تحديد دقيق لمكانها .
ويذهب المؤرخون العرب إلى القول بأن مساكن عاد كانت تقوم في الأقحاف من اليمن بين اليمن وعمان إلى حضر موت والشحر وذلك استنادا إلى قوله تعالي "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) سورة الاحقاف ولكن القرآن الكريم لم يحدد موقع الأقحاف بالنسبة للجزيرة العربية.
وقد ذكر المؤرخون أن قوم عاد كانوا يعبدون الأصنام، ولقد دعا نبي الله هود قومه إلى عبادة الله تعالى وحده لكنهم احتقروه ووصفوه بالسفه والكذب، فكان عقابهم من الله سبحانه وتعالى أن أرسل عليهم ريح عاصفة أهلكتهم جميعا.
ومن الحضارات التي ظهرت في شبه الجزيرة أيضا قبيلة ثمود التي تعد من ضمن الحضارات البائدة التي تألفت من قبائل وعشائر متعددة. وقد بلغت حدا عظيما من المدنية والازدهار في شمال الجزيرة العربية ، واتفق المؤرخون المسلمون على أن أهم ديارهم كانت بوادي القرى فيما بين الحجاز والشام
وقد وجدت آثار لهم في مدينة العلا بين المدينة المنورة وتبوك وكانوا بعد قوم عاد وكفروا أيضا بالله فبعث الله إليهم نبيه صالح ويقال أن الله قد أطال أعمارهم حتى إن كان أحدهم يبني البيت فينهدم وهو حي لذلك كانوا ينحتون بيوتهم في الجبال. ولم يتبع صالح منهم إلا عدد قليل حتى حادثة الناقة المذكورة في القرآن الكريم والتي خرجت كدلالة على صدق نبي الله صالح وآمن به عدد كبير من قومه وكانت هذه الناقة سبب هلاكهم بعدما عقروها فأنزل عليهم الله عذابه وأتتهم صيحة من السماء فيها صوت كالصاعقة فقضت عليهم.
وكذلك ازدهرت حضارة مدين ضمن الحضارات البائدة في شبه الجزيرة ويمكن نسبتها إلى ما قبل القرن الثالث عشر ق.م وانتشرت في إقليم يمتد إلى الشرق والجنوب الشرقي من خليج العقبة وربما وصلت إبان ازدهارها حتى حدود مدينة العلا الحالية شمال الحجاز وكان لهم شأن كبير في السيطرة على طرق التجارة.
وقد أرسل اللّه إليهم نبيه شعيب عليه السلام وكان من أشرافهم نسباً ليأمرهم بعبادة اللّه تعالى وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام وينهاهم عن المعاصي والذنوب مثل التطفيف في المكيال والميزان وقطع الطريق ولكنهم لم يستجيبوا له ، ولما يئس نبي اللّه شعيب من استجابتهم له توعدهم بعذاب الله جزءاً على مخالفته كما ورد في آيات القرآن الكريم (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94)سورة هود‏)‏ فهلكوا جميعا وكأنهم لم يكونوا إلا شعيبا قد نجا والذين آمنوا معه . فكان مصيرهم كمصير عاد وثمود من قبلهم.
كما يوجد الكثير من الحضارات في شبه الجزيرة العربية حيث ازدهرت الدولة المعينية التي قامت على ضفتي وادي الجوف وهي المنطقة السهلية الواقعة بين نجران وحضر موت و وصل أهلها إلى درجة عالية من العلم والبراعة في فنون العمارة والزخرفة التي وضعت فنون الحضارة المعينية في مركز رفيع يضاهي فنون حضارات مراكز الشرق القديم في مصر وبلاد الرافدين ، وقد برع المعينيون في الزراعة والصناعة واشتهروا بالتجارة وامتد نفوذهم إلى بعض المناطق في شمال الجزيرة العربية وخارجها وتتحدث عـن مآثرهم النقوش القديمة التي عُثر عليها في مدينة "العلا" بأعالي الحجاز قرب وادي القرى. وقد ازدادت شهرة الحضارة المعينية حتى وصلت إلى مراكز حضارات العالم القديم ، وكتب عنها الكلاسيكيون من اليونان والرومان والبعثات الأثرية الإيطالية والفرنسية التي قامت بأعمال تنقيب في مواقع من أرض الجوف كشفت عن نتائج علمية تشير أن الدولة المعينية عاصرت مرحلة ازدهار دولة سبأ وكانت تارة تدور في فلكها وتارة أخرى مستقلة عنها.
وتقع دولة سبأ في جنوب الجزيرة العربية بمنطقة مأرب التي كانت عاصمة لها ، وتمتد إلى الجوف شمالا ثم ما حاذاها من المرتفعات والهضاب إلى الشرق ويعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد ويمثل تاريخ دولة سبأ عمود التاريخ اليمني ، وسبأ عند النسابة هو أبو حمير وكهلان، ومن هذين الأصليين تسلسلت أنساب أهل اليمن جميعا كما أن أبرز رموز اليمن التاريخية "سد مأرب" قد اقترن ذكره بسبأ ودولة سبأ في العصر الأول هي أكبر وأهم تكوين سياسي في ذلك الوقت وكان إلى جانبها تكوينات سياسية صغيرة تدور في فلكها ، ترتبط بها حينا وتنفصل عنها حينا آخر، مثل دولة معين وقتبان وحضرموت، أو تندمج فيها لتكون دولة واحدة مثل دولة حمير، والتي لقب ملوكها بملوك سبأ وذي ريدان (حمير).
وقد ورد في القرآن الكريم زيارة ملكة سبأ التي حكمت في القرن العاشر قبل الميلاد لسيدنا سليمان قال تعالى (
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) سورة النمل). وظلت سبأ وحتى القرن الخامس قبل الميلاد الدولة الكبيرة الأم ، حين خرجت عن سيطرتها مناطق عدة واستطاعت أن تكون دولا مستقلة، ودخلت هذه الدول في منافسة مع سبأ، وشاركتها نفوذها السياسي والتجاري بل إن كل واحدة من تلك الدول لم تكن أقل شأنا من سبأ في أوج ازدهارها وأبرز هذه الدول هي معين وقتبان وحضرموت.
المملكه العربية السعوديه وشبه الجزيرة العربية
كان قلب شبه الجزيرة، وهو نجد، مقسما إلى نواح جغرافية، وقبائل، ومدن صغيرة، لا تجمع بينها وحدة سياسية، ولا يظهر فيها مجتمع موحد، ولا دعوة إلى دولة موحدة لقرون عديدة، انتهى بظهور الدولة السعودية، التي أيدت الدعوة الإصلاحية التي قام بها المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في القرن الثاني عشـر الهجـري, إذ لم تكن دعوة التجديـد تلك بعيدة عن الدولة، بل نجحت وانتشرت في ظل الدولة القائمة، دولة الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، وذلك منذ انتقال الشيـخ الداعية إلى الدرعية عام (1157هـ) وتطورت الدعوة بمساندة الدولة ، واكتسبـت قوتها وانتشارها من قوة الدولة وامتدادها، وهذا أمر نادر في الحركات الإصلاحية الدينية أو الاجتماعية الحديثة، أن يكون تاريخ الدعوة مرتبطا بتاريخ الدولة، وأن تظل الدعوة في حماية الدولة في كل عهودها، ومع كل حكامها، فالدعوة الإصلاحية لم تكن لتستطيع التأثير، والانتشار إلا مع امتداد الدولة وانتشار نفوذها في شبه الجزيرة، والدولة وجدت في الدعوة الإصلاحية منهجا يقود خطواتها نحو التوسع والامتداد في شبه الجزيرة، حتى انتهى الأمر إلى الوحدة السياسية
وهكذا كانت انطلاقة الدولة وبداية الدعوة الإصلاحية، فالدولة السعودية في شبه الجزيرة بدأت في عهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله ( 1139- 1179هـ ) واتخذت من الدعوة الإصلاحية منهجا دينيا واجتماعيا، واكتسبت الدعوة الإصلاحية من دولة الإمام محمد بن سعود قوة سياسية مكنتها من البقاء والاستمرار والانتشار في شبه الجزيرة.
وثمة وجه للشبه بين قيام الدولة السعودية في العصر الحديث في شبه الجزيرة وتطورها ثم توحدها، وبين ما حدث في عصر الرسالة الخاتمة من توحد شبه الجزيرة تحت راية الإسلام، وذلك لأن الإسلام هو العامل الأساس في توحيد شبه الجزيرة، وقيام دولة الإسلام الأولى، في المدينة النبوية في السنـة الأولى للهجرة النبوية، ولأن الدعوة الإصلاحية في العصر الحديث ليست سوى فهم صحيح للإسلام، ومحاولة جادة للعودة إلى منابعه الأولى في إصلاح حياة الناس، والارتقاء بالمجتمع المسلـم في شبه الجزيرة بعد قرون من التخلف الديني والاجتماعي والسياسي.

هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

منتديات شبكة قبائل شبه الجزيرة العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق