السبت، فبراير 27، 2010

من يحمي المسيحيين العرب؟ دراسة هامة

هذا عنوان كتيب صغير ألفه مسيحي، هو الأستاذ فكتور سحاب، ونشر من قبل دار الوحدة ويقع في 152 صفحة من القطع الصغير، وقد اشتريته من مكتبة مدبولي أثناء معرض الكتاب في القاهرة قبل عدة سنوات، وكان هناك مجموعة من الكتب من مختلف الأحجام على طاولة كبيرة، ينادي عليها البائع بسعر جنيه واحد لكل كتاب!! مما يعتبر مؤشراً على قيمة العلم عندنا، وكان هذا الكتاب واحداً منها.

ورغم أن لدي قناعة بأن المسلمين هم أكثر شعوب الأرض تسامحاً، وبعداً عن إكراه الآخرين في الدخول في الإسلام كما شهد بذلك عدد كبير من المنصفين من المستشرقين مثل جوستاف لوبون، وأرلوند تونبي، وغيرهما، وكما شهدت بذلك أحداث التاريخ واستقراءات الواقع، فقد اشتريت الكتاب لأرى وجهة نظر شخص مسيحي حول هذا الموضوع.

ويأتي حديثي عن هذا الموضوع ضمن ما عرف مؤخراً (بالحوار بين أتباع الأديان)، فهذا الكتاب الذي كتبه مسيحي يثبت أن المسلمين لم يضطهدوا النصارى، وأن ما يقال عن العنف الإسلامي هو من قبيل مكافأة المذنب، وعقاب الضحية، ومن ناحية أخرى، لوحظ ظهور بعض حالات الصدام الطائفي في بعض البلدان مثل لبنان ومصر والعراق، وما أحداث استهداف مسيحيي البصرة منا ببعيد، والحقيقة أن الكاتب يرى أن المسيحيين العرب اضطهدوا ثلاث مرات في التاريخ لم يكن المسلمون طرفاً في أي منها، بل كان وجودهم رحمة وسلاماً وخلاصاً لهم.

كما أثبت ذلك المؤلف في مواقع عدة في كتابه، فالاضطهاد الأول كان (الاضطهاد البيزنطي) وكان في فترة سابقة للإسلام، وامتدت قرنين من الزمن على الأقل، حيث تبنت الدولة البيزنطية الدين المسيحي ديناً رسمياً، وأخذت تسعى إلى محاربة جميع الأديان الأخرى، وكان وراء تبني الدولة البيزنطية المسيحية، كما يرى الكاتب وغيره من الكتاب قديماً وحديثاً، دوافع سياسية غالبة على الدوافع الأخرى فأخذت تشكل المجتمعات التي تحت حكمها وفقاً للطبعة التي اخترعتها للدين الجديد ذي البعد السياسي الهادف إلى إيجاد صيغة مشتركة وتجانس ورباط بين جميع الشعوب الخاضعة لحكم بيزنطة، وأخذت تفرض هذا الاتجاه الرسمي على الشعوب، ولم يكن يشفع للمسيحيين العرب كما يرى المؤلف أنهم من أتباع الدين المسيحي، بل كانت بيزنطة ترغب في إخفاء كل المذاهب النصرانية التي تخالف المذهب الرسمي، وكان من يتبع مذهباً مخالفاً لمذهب الدولة يعتبر خارجاً عن الوحدة السياسية للدولة.

ويقول الكاتب في ص 12 (ولم يكن الخلاف لاهوتياً في حقيقته، أو فلنقل إنه لم يكن لاهوتياً في جميع وجوهه على الأقل، بل كان، إذا شئنا اجتناب التشخيص الجازم، لاهوتياً وسياسياً، واصطداماً بين بيئتين متنافرتين، حتى إن الإمبراطور كان يرغب في جعل الكنيسة على صورة الإمبراطورية ومثالها. ففي كل مقاطعة حاكم، وقائد عسكري.. ومطران.

أما المسيحيون العرب فكانوا بطبيعة الحال يسعون إلى أن تكون كنيستهم تعبيراً عن بيئتهم هم، فكانوا يعينون لكل قبيلة مطراناً، مثلما كان لكل قبيلة شيخها، وذلك مثال مبسط وبليغ الدلالة على مصدر الخلافات ومنبعها).

ويرى أن الخلاف نابع من الاختلاف بين رغبتين مختلفتين، رغبة الممانعة، ورغبة فرض السيطرة، وكانت الإمبراطورية قد تبنت مذهباً مسيحياً يسمى (خلقدونية)، بينما غالبية المسيحيين العرب يتبعون المذهب اليعقوبي، نسبة إلى يعقوب البرادعي مؤسس المذهب وصديق الملك الغساني اليعقوبي الحارث بن جبلة، وحول توزيع أتباع المذهبين في الشرق العربي قبل الإسلام يستشهد المؤلف بأقوال بعض المؤرخين من ذلك العصر، الذين أوردوا أن اليعاقبة في مصر في تلك الفترة كان عددهم ستة ملايين، بينما كان أتباع الخلقدونيين مائتي ألف معظمهم من الروم والإغريق في مدينة الإسكندرية وما حولها، وكان الوضع في سورية مشابها للوضع في مصر من حيث زيادة أعداد اليعاقبة، وكانت العلاقة بين الدولة التي تبنت المذهب الخلقدوني ذي العدد القليل من الأتباع، وبين المسيحيين العرب الذين ينتمي معظمهم إلى المذهب اليعقوبي تتراوح بين الملاينة، واستخدام العنف والقمع لإجبار الناس على اعتناق المذهب الرسمي للدولة، وكانت سياسة التصفية الجسدية منتشرة كما يقول المؤلف حيث تمت ملاحقة الرهبان إلى تخوم الصحارى السورية والمصرية، (وفي مجزرة بيزنطية واحدة، قتلت الدولة في مصر مائتي ألف قبطي من أنصار الطبيعة الواحدة (اليعاقبة) وعندما فتح العرب مصر كان الإكليروس القبطي مختبئاً برمته في الصحارى هربا من التصفية) ص 14.

ويواصل المؤلف حديثه في الصفحة نفسها وكأنه يصف شيئاً مما يجري اليوم في بعض البلدان الإسلامية، فيقول: (وفي هذا الإطار الدامي، حاولت الدولة البيزنطية أن تتكئ على قواها الذاتية بالطبع، لكنها سعت أيضاً إلى إنشاء متكآت محلية لها، وجعلت تزين للسريان الخلقدونيين أن عليهم خدمة أغراضها وأنها كفيلة بحمايتهم.

ونشبت في الواقع مذابح ترويها التواريخ الكنسية، ومنها مذبحة (رهبان دير مارون) في أفاميا (جوار مدينة حماة السورية)، التي ذهب ضحيتها مئات من الرهبان الخلقدونيين.. والواقع أن (رهبان دير مارون) وغيرهم إنما كانوا ضحية اضطهاد بيزنطة للمسيحيين السوريين والمصريين، وضحية محاولاتها استغلال أنصار المذهب الرسمي لمصلحتها السياسية، ولم يتوقف اضطهاد المسيحيين العرب إلا عند ظهور الإسلام على البلاد، وقيام معاوية على الحكم في ولاية الشام، قبيل إنشاء الخلافة الأموية)

ويشير المؤلف في نهاية حديثه عن الاضطهاد البيزنطي للمسيحيين العرب أن معاوية بن أبي سفيان أنصف الخلقدونيين من الجور الذي لحق بهم من اليعاقبة، ورد لهم أديرتهم وبيعهم التي استولى عليها اليعاقبة بالقوة، ومنع استيلاء أي طائفة على ممتلكات الطائفة الأخرى، وبذلك ساد السلام بين الطائفتين المسيحيتين، وبهذا يكون الإسلام قد قدم خدمة غير مباشرة للمسيحيين العرب، حيث حماهم من سطوة وتسلط الدولة البيزنطية من جهة، ونشر العدل بينهم، ومنع بعضهم من أن يعتدي على بعض وبذلك عم السلام والأمن بين الجميع.
أما الاضطهاد الثاني فقد سماه المؤلف اضطهاد الدولة الصليبية

وفي بداية حديثه عن هذا الاضطهاد يستشهد المؤلف بقول المطران العلامة (جورج خضر) الذي ذكر أن الكثرة الغالبة من سكان سورية الطبيعية (سورية ولبنان والأردن وفلسطين) ظلت تنتمي إلى الدين المسيحي طوال خمسة قرون من حكم الدولة العربية الإسلامية، وأن المسلمين أصبحوا هم الأكثرية بعد الحروب الصليبية، ويستشهد على صحة ذلك بتاريخ ابن عساكر، ويذكر أن المطران (خضر) ذكر أن المسيحيين شكلوا ثمانين في المائة من سكان سورية الطبيعية قبل الحروب الصليبية، ويقول بأن مؤرخي الفترة الصليبية يعرفون ذلك أفضل من غيرهم، ولكن كيف تحول الغالبية في الإسلام بسبب الحروب الصليبية؟

يجب المؤلف على هذا السؤال بقوله: (إن الغزو الصليبي الأوروبي، أوقع المسيحيين العرب في حرج شديد، ألطف ما يقال فيه إنه خيَّرهم بين الوقوف مع بني دينهم والوقوف مع بني قومهم، ويبدو أن المسيحيين العرب في معظمهم اختاروا الحل الثاني، فكان المسعى الصليبي وبالا على المسيحية العربية، من حيث ظن أو صور أنه دفاع عنهم) ص 16.

ويواصل الكاتب حديثه عن الذين بقوا على مسيحيتهم ويذكر أنهم لم يقفوا مع الدولة الصليبية، ويقول إن على ذلك شواهد (لا بد أن يحصيها علماء التاريخ في غير مرجع عربي وغير عربي)، ويقول بأن الدولة الصليبية استطاعت مع ذلك، أن تزين (مرة أخرى) لقلة من المسيحيين أن ينحازوا إلى صفها ويقاتلوا معها، ويروي بعض المؤرخين أن الجالية المارونية في قبرص إنما تنحدر من سلاسة عدد من المقاتلين الذين انسحبوا من الساحل السوري بعد انهزام الدولة الصليبية، فأقامهم الصليبيون هناك على حصون، ليشكلوا الخط الأمامي لحماية الخطوط الأوروبية الخلفية المتراجعة أمام هجمات الدولة الأيوبية ثم دولة المماليك) الصفحة نفسها.

ومن ناحية أخرى، يؤكد المؤلف أن الخونة لم يكونوا من المسيحيين فقط، بل كان هناك خونة بين المسلمين، ولكن الوبال كما يرى كان على المسيحية العربية وحدها.

ففيما ازداد عدد المسلمين بعد الحروب الصليبية تقلص عدد المسيحيين في سورية ليصبحوا قلة ضئيلة وكانوا الكثرة. لقد دخل المسيحيون في الإسلام كما يرى المؤلف ليقاتلوا الغزاة مع أبناء جلدتهم، وفي تصوري أن السبب الأرجح يكمن في قوة الإسلام المنطقية، وكونه امتداداً للرسالات السماوية السابقة في صورتها الأولى قبل، وكانت تلك الرغبة في التحول إلى الإسلام في حاجة إلى سبب مساعد ليعطي العذر لمن يريد الدخول في الإسلام من المسيحيين، وكانت الحروب الصليبية، وقبلها الاضطهاد البيزنطي من أبرز الأسباب التي دخل بسببها المسيحيون إلى الإسلام. وفي المقال القادم سوف نتحدث عن تجربة الاضطهاد الثالثة للمسيحيين العرب كما يراها مؤلف الكتاب.

أما تجربة الاضطهاد الثالثة للمسيحيين العرب

كما يراها مؤلف كتاب: (من يحمي المسيحيين العرب؟) الأستاذ فكتور سحاب فتتمثَّل في التجربة المعاصرة مع الاستعمار الغربي، ويقول المؤلف إن فكرة إيجاد وطن لليهود في فلسطين كانت في البدء اقتراحاً من نابليون بونابرت، ويستشهد على صحة قوله هذا بعدد من المؤرخين العرب، منهم حسن الخولي، وعبد الوهاب الكيالي، وخيرية قاسمية، ولكن لماذا يذهب نابليون إلى هذه الفكرة؟

يقول المؤلف: (نابليون لا يمكن اتهامه بأنه قد يقترح إنشاء دولة لأسباب دينية.. ولعل إلحاق اقتراحه إنشاء دولة اليهود في فلسطين بجملة مساعيه الإستراتيجية للسيطرة على المشرق العربي قبل بريطانيا أكثر إقناعاً من محاولة إلحاقه بالدوافع الدينية.. ويرى المؤلف أن التنافس والتقاتل بين الغرب على المنطقة العربية جاء قبل المذابح الطائفية في جبل لبنان بأكثر من نصف قرن، وعليه فلا يمكن أن يكون الوجود الغربي جاء لحماية المسيحيين من الاضطهاد، بل إن الوجود الغربي هو الذي أشعل التقاتل الطائفي الذي ارتبطت أحداثه بالامتيازات الأوروبية، حتى أمكن أوروبا أن تدق في جدار هذا البيت العربي مسمار جحا، حين أوحت أنها إنما جاءت إلى المنطقة وفككت السلطة العثمانية وجزأت المنطقة الموروثة، كل ذلك من أجل حماية المسيحيين العرب، ويتساءل المؤلف: من يدفع الثمن ومن يقطف الثمار؟ المسيحيون العرب أم ساسة الغرب؟، ويخلص إلى نتيجة مفادها أن القوى الغربية هي التي تستفيد وأن المسيحيين العرب هم الذين يدفعون الثمن عن طريق تنصيبهم وكلاء لحفظ مصالح الغرب، وأدوات لتحقيق أهدافه، ويقارن من ناحية أخرى بين هذا الوضع الذي تعرضوا فيه للاضطهاد وبين وضعهم في ظل الدولة الإسلامية،

وينقل قول باحث مسيحي هو الدكتور أدمون رباط عن نظام أهل الذمة بالحرف: (من الممكن، وبدون مبالغة، القول بأن الفكرة التي أدت إلى إنتاج هذه السياسة الإنسانية (الليبرالية) إذا جاز استعمال هذا الاصطلاح العصري، إنما كانت ابتكاراً عبقرياً، ذلك لأنه للمرة الأولى في التاريخ انطلقت دولة هي دينية في مبدئها، ودينية في سبب وجودها، ودينية في هدفها ألا وهو نشر الإسلام من طريق الجهاد بأشكاله المختلفة، من عسكرية ومثلية وتبشيرية، إلى الإقرار في الوقت ذاته بأن من حق الشعوب الخاضعة لسلطانهم أن تحافظ على معتقداتها وتقاليدها وتراث حياتها، وذلك في زمن كان يقضي المبدأ السائد فيه بإكراه الرعايا على اعتناق دين ملوكهم) (ص26).

ويعلق المؤلف على ذلك بقوله: (لا شك في أن المسيحيين المخضرمين، الذين عاصروا الفتح الإسلامي، هم أكثر من لمس الأمر بوضوح، إذ انتقلوا فجأة من سلطان دولة كانت تضطهدهم اضطهاداً وصفه بعض المؤرخين العصريين في أوروبا بأنه لا يُشبَّه حتى بأعمال البهائم.. إلى سلطان دولة حافظت لهم على أديارهم وبيعهم).

ويُذكر أن عمرو بن العاص عندما فتح الإسكندرية للمرة الثانية بعد أن تمكن البيزنطيون من استردادها لبعض الوقت، خالف السنن الإسلامية فوزع من بيت المال على الأقباط أموالاً طائلة، لتعويضهم عن العقوبات التي أنزلتها بهم الحكومة البيزنطية لمعاونتهم العرب في فتح مصر (ص27).

ورغم ذلك فإن الكاتب لا ينكر أن بعض التجاوزات قد حدثت من بعض الحكام المسلمين على حقوق المسيحيين وبخاصة في جانب الإتاوات والجزية، ويستنتج في نهاية هذا الجزء من الحديث عن النصارى تحت حكم المسلمين أن (هذا يعني أن دولة الإسلام كانت حليفاً طبيعياً للنصارى العرب، ما داموا في صفها السياسي، لا في صف الدول العدوة.. ولا حاجة إذن بالمسيحيين العرب إلى الغرب، بل إن الغرب هو الذي توسل إلى مصالحه بحماية المسيحيين العرب، وجعلهم في كثير من الأحيان يدفعون من دمهم ثمن تحويلهم إلى ترس يختبىء من ورائه، حدث ذلك كلما كانت تقوم للغرب دولة في منطقتنا: الحقبة البيزنطية، والحقبة الصليبية والحقبة الحالية، فمن يحمي النصارى العرب من (الحماية الغربية) التي كانت وبالاً عليهم عبر العصور؟) ص (34 - 35).

ويواصل الباحث حديثه عن العلاقة بين الدولة والدين، وعن الإسلام الدين والإسلام الحضارة، ويقول بأن المسيحيين قد شاركوا في الإسلام الحضارة في مواقف وحقول كثيرة للمعرفة والعلم، كما شاركوهم لغتهم وأذواقهم ووجدانهم الاجتماعي، ويربط ذلك كله بالحالة في لبنان وما جرى ويجري فيه من صراع طائفي، ويصل إلى نتيجة يقول فيها: (وأثبت التاريخ للمسيحيين العرب أن الغرب يسوقهم إلى الهلاك، وأن التعريب أكثر مدعاة إلى اطمئنانهم إلى مصيرهم) ص51.

إن إشعال الفتن بين الطوائف والدول وتجزئة المنطقة وتفتيتها هي هدف وسياسة غربية قديمة، وقد أثبت ذلك المستشرق اليهودي المتصهين برنارد لويس في كتابه: (الشرق الأوسط والغرب) عندما قال كما نقل عنه المؤلف (إن التغريب في المنطقة العربية، أدى إلى تفكيكها وتجزئتها، وأن هذا التفكيك السياسي واكبه تفكيك اجتماعي وثقافي، والواقع أن إلحاق المنطقة العربية بالغرب لم يكن ممكناً إلا من طريق تفكيكها وتجزئتها، ولو أعطيت لأي سياسي في العالم، مسألة يسألونه فيها أن يسعى إلى إلحاق المنطقة العربية بالغرب، لما اختار غير الأسلوب الذي اختاره الغرب فعلاً، وهو تفكيك المنطقة بالفتن الطائفية، والتفتيت الاجتماعي والثقافي، وافتعال الخصومات و الفروقات ، وتوسيع مواطن الاختلاف والمبالغة في إبرازها، وليس من شك في أن من يسعى إلى هذا، يحزنه مشهد السلام بين الطوائف، ويسعده اندلاع التقاتل بينها، ولعل من يستبعد دور الغرب في إشعال فتيل هذا التقاتل، هو واحد من اثنين خادع أو مخدوع) (ص56).

هذا كلام مستشرق من أبرز المعادين للعروبة والإسلام، وليس كلام خبير عربي غيور على أمته ودينه وثقافته، إن هذا يفسر لنا التدخلات المختلفة في قضية لبنان خلال الثلاثين سنة الماضية، والتدخلات في العراق، وفي مصر، وفي السودان، وفي كثير من الأقطار العربية.. وما أورده الكاتب هنا من أن الإسلام في صورته المشرقة، ومن خلال تاريخه المطبق يحمي النصارى، ولو لم يكن الإسلام عادلاً مع تعامله مع رعاياه لما بقي نصارى في مصر والعراق والشام، ولتم محوهم كما مُحي الإسلام من الأندلس بعد ثمانية قرون من البقاء هناك، إن هذه الشهادة التي قدمها رجل مسيحي عن عدل الإسلام وإنصافه للنصارى الذين عاشوا تحت ظله، ومثل ذلك يُقال عن اليهود يُعتبر أكبر دليل على أن الإسلام دين سلام وحوار، وإخاء في الأوطان، ولقد جاءت كثير من الآيات في القرآن تؤيد هذا المعنى وتدعمه، قال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}.. وقال تعالى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.. وقال في آية ثالثة: { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.

ويجب على المسلمين والعرب التنبه لسياسات التفرقة والتشتيت، وإحداث الفتن بين الطوائف والدول والجماعات، وأن يتمثَّلوا الإسلام في حياتهم وفي معاملاتهم بينهم ومع غيرهم، وأن يكونوا قدوة كما كان الصحابة رضوان الله عليهم قدوة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المرصد الاسلامي لمقاومة التنصير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق