الثلاثاء، فبراير 09، 2010

باحث في تاريخ اليهود يفند مزاعم اليهود عن حقيقة الهيكل المزعوم

الأثري عبد الرحيم ريحان بركات مدير منطقة آثار دهب بجنوب سيناء والباحث فى تاريخ اليهود وآثار سيناء ،المحاضر بمؤتمر الآثاريين العرب والمؤتمرات العلمية بجامعة أثينا والذي قام بعدة حفريات أثرية بسيناء بعد استردادها شملت مناطق إسلامية كقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا ، مناطق آثار عربية قديمة عن حضارة الأنباط ، له أبحاث منشورة بالدوريات العلمية عن آثار سيناء ويعمل حالياً في المرحلة النهائية من رسالة الماجستير عن الآثار المسيحية بسيناء في قسم الآثار الإسلامية كلية الآثار - جامعة القاهرة ، ويعدّ خطة رسالة الدكتوراه عن آثار القدس الباقية والتي تم تدميرها بواسطة السلطات الإسرائيلية .
يذكر عبد الرحيم ريحان أن أسطورة الهيكل المزعوم هي أكبر جريمة تزوير للتاريخ ويجيب على عدة أسئلة يطرحها في بحثه ما هي حقيقة الهيكل المزعوم ؟ وما علاقة نبي الله سليمان بهذا الهيكل ؟ ما هو تابوت العهد ؟ ما هي قصة بناء الهيكل ؟ ما هي علاقة نبي الله سليمان باليهود ؟ أين المسجد الأقصى والصخرة المقدسة الذي أسرى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليهما؟ .

الغرض من بناء هيكل :
يذكر اليهود أن نبي الله سليمان بنى هيكل مقصود به مكان لحفظ تابوت العهد وأن هذا الهيكل يزخر بالرموز الوثنية والأساطير الخاصة بعبادة الآلهة الكنعانية مثل بعل وغيره ، وأن نبي الله سليمان بنى الهيكل لإله اليهود يهوه أو ياهو . وهذا يعنى أن الهيكل بنى لحفظ تابوت العهد ، فإذا أثبتنا أن تابوت العهد لا وجود له في عهد نبي الله سليمان ، إذاً فلا حاجة لبناء الهيكل من الأصل .
ويدّعى اليهود أن نبي الله سليمان كان يعبد إله غير الذي كان يعبده باقي الأنبياء وهو ياهو إله بنى إسرائيل ، وأنه كان من عبدة الأوثان لأنه بنى معبد يزخر بالرموز الوثنية .
فإذا أثبتنا أن نبي الله سليمان لم يكن من عبدة الأوثان وكان يعبد الله رب العالمين كسائر الأنبياء فهذا يعنى أنه لا حاجة لبناء هيكل ضخم كما وصفه اليهود لإله اليهود يهوه.

تابوت العهد :
تابوت العهد هو صندوق مصنوع من خشب السنط أودع به لَوْحَيْ الشهادة اللذان نقشت عليهما الشريعة وتلقاها نبي الله موسى عليه السلام بسيناء ، وكان بنى إسرائيل يحملونه معهم أينما ذهبوا وكان دليلاً على وجود الإله يهوه إله بنى إسرائيل كما يعتقدوا .وذكر تابوت العهد في التوراة 200 مرة لكنه لم يذكر في الكتب التالية على التوراة وأيضاً لم يكن في قائمة الممتلكات التي أخذتها جيوش نبوخذ نصر عند إنقضاضه على أورشليم 586 ق .م . ولم يذكر عند بناء الهيكل ثانية كما يدّعى اليهود على يد ملك الفرس كورش 538 ق م .
ولقد نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية فى عدد 7 شباط 1997 أن منليك بن سيدنا سليمان من بلقيس ملكة سبأ سرق تابوت العهد من أبيه أثناء بناء الهيكل وهرب به إلى الحبشة و أن الهيكل لا يعنى أي شيء بدون تابوت العهد وأن الحفائر تحت المسجد الأقصى للتوصل للهيكل ستبوء بالفشل وستهدم المسجد ، وأضافت الصحيفة إن هذه القصة موجودة في كتاب (ترنيمة الملوك) وهو كتاب أثيوبي كتبه الحاخام الأثيوبي نيبوز جيز اسحق في القرن 14م .
وفي سفر صموئيل أن تابوت العهد قد أقيم في الهيكل أي قاعة العبادة بأحد المعابد التقليدية في شيلوه وفى سفر يشوع أن هذا التابوت أخذه منهم الفلسطينيون ثم أعادوه إليهم وأخذه بنو إسرائيل ووضعوه في منـزل أحد الأفراد في قرية يعاريم (يشوع 9/17) ولقد ذكر تابوت العهد في القرآن الكريم أيام أول ملك لبنى إسرائيل وهو طالوت (الذي تذكره التوراة باسم شاؤل) سورة البقرة من أية 246 إلى 248 وكانت حدود مملكة طالوت خارج مدينة القدس حيث أقاموا أول معبد لهم في مدينة جبعون ، وكان اليبوسيون العرب ما يزالون يحكموا مدينة القدس .
إذاً فلا وجود لتابوت العهد بعد ذلك التاريخ ، والاحتمال الأكبر أنه فقد منهم فى أحد الحروب لأنهم لم يحافظوا على ما جاء في لَوْحَي الشهادة ، وبالتالي فلا وجود لتابوت العهد في عهد نبي الله سليمان ولو افترضنا جدلاً أن تابوت العهد كان موجوداً أثناء البناء ثم سرق منه فلماذا يكمل البناء ؟ولأي غرض سيبنيه بهذه الفخامة ؟

ملك نبي الله سليمان في القرآن الكريم :

ولقد ذكر في القرآن الكريم مُلك نبي الله سليمان وليس من بينه هيكل وثني ، بل كان له قصر عظيم من الزجاج الصافي شاهدته بلقيس ملكة سبأ وعندما تأكدت أنه نبي الله أتاه الملك والعلم والنبوة وليس فقط كسائر الملوك آمنت وأسلمت لله رب العالمين وليس لياهو إله بنى إسرائيل والذي يدّعى اليهود أن نبي الله سليمان كان يعبده (سورة النمل أية 44 ) . فإذا كان نبي الله سليمان يعبد الله الواحد كسائر الأنبياء فلماذا يبنى هيكل وثني لإله بني إسرائيل ياهو كما يدّعى اليهود ؟


قصة بناء الهيكل :
من خلال قصة بناء الهيكل كما يذكرها كتبة التوراة (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) سورة البقرة أية 79 ، نجد كم من التناقضات فهم يحركوا رغبة إلههم يهوه وفقاً لرغبتهم ليتحقق لهم ما يريدون . فيذكروا أولاً عن بناء الهيكل أن رغبة يهوه الذي عاش حياة التجوال في الخيام في سيناء وفلسطين أنه لا يريد بيتاً مبنياً لنفسه ، ومعنى هذا أن من يفكر في بناء بيت أو هيكل للإله يهوه فإنه يسير ضد رغبة الرب ، لذلك يجب ألاّ يفكر أحد في بناء هيكل .
وعندما فكر نبي الله داود عليه السلام عام 1000ق. م . في نقل تابوت العهد من قرية يعاريم (على الحدود الغربية لمملكته ) إلى أورشليم لم يستطع ، وذلك لأنه لم يكن من حق بشر أن ينقل تابوت العهد بل من تنزيل إلهي ، وهذا يعني أنه لا يوجد تنزيل إلهي حتى يبني نبي الله داود هيكل لحفظ تابوت العهد . ولكن لأنهم يحركوا رغبة الرب وفقاً لرغبتهم للحصول على تفويض إلهي ليبارك الرب ما يدور فى أذهانهم ويخططون له وهذا يجسد فكرة احتلال أرض الميعاد كما يعتقدوا بمؤازرة إلهية ، لذلك سمح الرب بنقل تابوت العهد من يعاريم إلى أورشليم بعد ثلاثة أشهر عندما حاول نبي الله داود مرة ثانية فاشترى نبي الله داود الموقع الذي سيبنى عليه المعبد أو الهيكل المزعوم من الملك أرونة (أرنان) أحد ملوك اليبوسيين العرب ، ورغم أن الرب قد وافق على نقل التابوت كما يدّعوا عاد فغضب مرة أخرى وأرسل الطاعون على المملكة فقتل 70 ألف شخص فى ثلاثة أيام .
ورغم غضب الرب عاد فوافق على البناء لذلك أشار أحد المقربين لنبي الله داود بأن يبني معبد للرب يهوه في الموقع الذي اشتراه نبي الله داود من الملك أرونة ، وعندما بدأ حكم نبي الله سليمان 970ق .م بنى معبد للرب يهوه في هذا الموقع وهو الهيكل المزعوم .


موقع المسجد الأقصى والصخرة المقدسة :
عندما فتح عمر بن الخطاب القدس (سنة 15 هجرية / 636م) فإن أول ما فعله هو البحث عن مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة واضعاً نصب عينيه الرواية التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ، وسأل الصحابة وكعب الأحبار (وهو من اليهود الذين أسلموا ) والبطريرك صفرنيوس بطريرك القدس ، وكان عمر بن الخطاب يراجع المرافقين له حين يدلونه على مكان لا يجد أوصافه تنطبق على ما لديه قائلاّ ( لقد وصف لى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد بصفة ما هي عليه هذه ) والمقصود هنا البقعة المباركة التي أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم إليها وصلى فيها إماماً بجميع الأنبياء وليس المسجد كبناء والصخرة المقدسة التي عرج منه للسموات العلى.
وقد عثر الخليفة عمر بن الخطاب على مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة وكان المكان مطموراً بالأتربة التي تكاد تخفى معالمه ، وعند رفع الأتربة كان المكان خالي تماماً من بقايا أي مباني سابقة ورغم أن اليهود يدّعون أن تيتوس الروماني دمر الهيكل الثاني عام 69م فعندما رفع عمر بن الخطاب الأتربة لم يكن هناك ولو حجر واحد من مباني سابقة ولا أي شواهد أثرية تدل عليه وهذا طبيعي فإذ لم يكن هناك هيكل أول فبالتالي لا يوجد هيكل ثاني . وأمر عمر بن الخطاب بإقامة مسجد موضع المسجد الأول ، وإقامة ظلة من الخشب فوق الصخرة المقدسة ، وعندما جاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بنى قبة الصخرة فوق الصخرة المقدسة عام 72هجرية /691م ، ثم بنى الخليفة الوليد بن عبد الملك المسجد الأقصى عام 86هجرية / 709م .
والمسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء أية 1 ليس المقصود به المسجد كبناء معماري فلم يكن هذا البناء قائماً بالقدس سنة 621م ليلة الإسراء وإنما المقصود بالمسجد الأقصى مدينة القدس كلها وكذلك عبارة المسجد الحرام تعنى كل مدينة مكة ولا تقتصر على الكعبة والمسجد الحرام فقط لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أسرى به لم يكن ساكناً أو نائماً في المسجد الحرام كبناء وإنما كان في مكة ، فالإسراء تمّ من المسجد الحرام أي مكة إلى المسجد الأقصى أي القدس وفى ذلك دلالة على اعتبار القرآن كل مكة مسجداً حراماً أي حرماً مكياً وكل القدس مسجداً أقصى أي حرماً قدسياً ، ويشهد على ذلك أن المسلمين ومنذ فجر الإسلام عاملوا القدس كمكة معاملة الحرم الشريف ، ومن مميزات الحرم في الإسلام تنزيهه بتحريم القتال وسفك الدم فيه ، وعندما فتح المسلمون مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام 8 هجرية حرصوا على فتحها سلماً دون قتال وحين فتح القدس 15 هجرية / 636م فلقد حاصروها حتى صالحوا أهلها على فتحها سلمياً وتفرّدت مكة والقدس بذلك دون سائر المدن التي فتحها المسلمون ، وكما تسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح تفردت القدس بأن استلامها كان من اختصاص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وليس من قبل قائد الجيش الفاتح أبو عبيدة بن الجراح ، دليل على مكانتها العظيمة.

حائط البراق :
قامت عالمة الآثار البريطانية كاثلين كينيون بأعمال حفريات بالقدس وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى ، ولقد اكتشفت أن ما يسميه الإسرائيليون مبنى إسطبلات سليمان ليس له علاقة بسليمان ولا إسطبلات أصلاً بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين ، وهذا رغم أن كاثلين كينيون جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية لأنها أظهرت نشاطاً كبيراً في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ الشرق الأدنى.  أما ما يدعيه اليهود باسم حائط المبكى على أنه من بقايا الهيكل القديم فقد فصل في هذه القضية عام 1929م حيث جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أوفدتها عصبة الأمم السابقة على الأمم المتحدة (إن حق ملكية حائط المبكى - البراق وحق التصرف فيه وفيما جاوره من الأماكن موضع البحث في هذا التقرير هي للمسلمين لأن الحائط نفسه جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف ).


أين كان يعبد نبي الله سليمان رب العالمين ؟ :
في سورة سبأ آية 13 (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور ) نجد هنا كلمة محاريب وهي جمع محراب ومعناه كما ذكر في القرآن الكريم مكان صغير للعبادة فقد كان نبي الله زكريا يتعبد في محراب صغير (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ) آل عمران39 ، ( فخرج على قومه من المحراب ) مريم 11 . وكانت السيدة مريم العذراء تتعبد في محراب صغير ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ) آل عمران 37 وكان لنبي الله داود محراب له سور حيث كان يخصص بعض الوقت لتصريف شئون الملك والقضاء بين الناس والبعض الآخر للخلوة والعبادة وترتيل الزبور ، وكان إذا دخل المحراب للعبادة لم يدخل إليه أحد حتى يخرج هو إلى الناس لذلك كان للمحراب سوراً حتى أنه فزع ذات يوم عندما دخل عليه شخصان من أعلى سور لمحراب ودون استئذان في وقت كان مخصصاً لعبادة ، وهما ملكان أرسلهما الله إليه لاختبار حكمته وفصله في المنازعات بين الناس وألاّ يصدر حكماً دون سماع الطرفين (وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ) سورة ص أية 21 ، 22 .
إذاً نبي الله سليمان كان له محراب صغير يتعبد فيه ولما كانت مملكته واسعة فكان له عدة محاريب يتعبد فيها أينما ، وجد لله رب العالمين ولا علاقة له بهيكل يزخر بالرموز الوثنية لإله بنى إسرائيل ، واليهود أنفسهم لم يتّبعوا دين نبي الله سليمان وهو عبادة الله الواحد رب العالمين فهل يعقل أن يبني لهم هيكل خاص بالإله يهوه ؟

علاقة نبي الله سليمان باليهود :
لم يتّبع اليهود دين نبي الله سليمان بل اتّبعوا طرق السحر التي كانت تحدثهم بها الشياطين في عهد نبي الله سليمان ولقد برّأ الله نبيه سليمان بأنه لم يكن ساحراً ولا كفر بتعلّمه السحر بل الله سخّر له الجن لخدمته ولكن الشياطين بدأت في تعليم الناس السحر فاتبعهم اليهود (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ) البقرة 102 .

الهيكل الذي يدّعيه اليهود :
أما عن الهيكل الذي يدّعيه اليهود والغير مستند إلى أي شواهد تاريخية أو أثرية ولا وجود له إلا في أذهانهم ، وحتى لو سايرنا ما في أذهانهم فإن البعض من بني إسرائيل كانوا يعبدون آلهة أخرى إلى جانب الرب يهوه إذ كانوا يرون أنه إله أجنبي لم يستقر كما ينبغي في كنعان وكان لا يزال مرتبطاً بالبقاع الجنوبية من سيناء وعسير وباران (تكوين 36/20) وكانوا يعبدون آلهة مثل بعل وغيره ويقيمون في أعلى الجبال الأنصاب ويطلقون لها البخور وهذا هو إفسادهم الأول وهو الشرك بالله الواحد ، وقد أقاموا عدد من المعابد ربما كان أحدهما أهمهم بالنسبة لهم فربطوا بينه وبين نبي الله سليمان وبين تابوت العهد وذلك لإيهام العالم بأن احتلالهم للأرض العربية ومؤامرتهم لهدم المسجد الأقصى تنفيذاً للوعد الإلهي وبحثاً عن أوهام وأكاذيب اختلقوها وصدّقها الجميع حتى صارت كالحقيقة فصدّقوها هم أنفسهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق