الجمعة، فبراير 25، 2011

ابنة الفريق سعد الشاذلي: مبارك زوّر التاريخ ووضع صورته مكان والدي فى «غرفة عمليات أكتوبر»

<p>زينات السحيمي، حرم الفريق سعد الدين الشاذلي، تتحدث خلال حوار مع المصري اليوم، وإلي جانبها ابنتها شهدان، 24 فبراير 2011.</p><br />

تصوير المصري اليوم

«السادات» دبر محاولتين لاغتيال أبى لكن أشرف مروان أنقذه.. وضغوط مورست على الناشرين لمنع إصدار مذكراته

تبدو شهدان سعد الشاذلى، مثل أبيها الراحل الفريق سعد الشاذلى، فى قوته وإيمانه بما يفعل واقتناعه بحقه وسعيه للحصول عليه مهما كلفه الأمر.. تشبه الابنة أباها وتصر على استرداد حقه مهما كان الثمن وتعترف ابنة رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى حرب أكتوبر بأنها وأسرتها لم يشعروا يوماً بالضعف ولم يعيشوا حياة المعاناة، رغم كل ما مر بهم من ظروف صعبة وعصيبة وتؤكد أن هذا أول درس علمه لهم والدها القائد العسكرى الجسور.

تنتظر «شهدان» وأفراد أسرتها مرور «أيام الحداد» على أبيها الراحل، لتبدأ رحلة استرداد حقوقه، وتعد حالياً طلباً رسمياً ستتقدم به إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لرد الاعتبار عملياً لوالدها الراحل بعدما سلبه الرئيس السابق مبارك جميع حقوقه حتى صوره فى غرفة العمليات العسكرية أثناء حرب أكتوبر.. التقتها «المصرى اليوم».. وإلى نص الحوار:

■لماذا اختفى اسم الفريق سعد الشاذلى عن كل ما يتردد عن حرب أكتوبر؟

- بسبب الرئيس السابق مبارك الذى مارس ضد أبى حرباً لمحوه وإخفاء اسمه وسيرته بكل الطرق، لدرجة أنه زيف صور الحرب ووضع نفسه مكان أبى، واستبعد أبى الفريق سعد الشاذلى من بانوراما حرب أكتوبر، والمشكلة أنه أيضاً زور فلم يكن أبداً قائد القوات الجوية يجلس بجوار الرئيس أو القائد الأعلى فى الحرب لكن هذا ما فعله مبارك فى صور الحرب، ومن الأعراف العسكرية أنه فى غرفة القيادة لا يجلس قادة القوات بجوار الرئيس أو القائد الأعلى لكن من يكون بجواره هم وزير الدفاع ورئيس الأركان لكننا فوجئنا بأن كل الصور التى نشرتها الصحف تم استبعاد أبى فيها بالفوتوشوب ووضعت مكانه صورة مبارك.

وأنتظر انتهاء فترة الحداد لأخاطب المجلس الأعلى للقوات المسلحة من أجل استرداد حقوق أبى وسأطالب أولاً بأن يسمح لنا بتوزيع كتب الفريق الشاذلى فى مصر ويرفع الحظر عنها، وأيضاً سأتقدم بطلب للمجلس العسكرى ليردوا لنا أوراق أبى وكتبه التى صودرت عام 1992، عندما عاد من الجزائر وكان معه 500 كتاب وصور وأوراق خاصة صادرها نظام مبارك كما صادر نجمة سيناء التى منعت عنه كل امتيازاتها.

وكان أبى حصل على رد الاعتبار له فى 2005 بموجب خطاب رسمى من القوات المسلحة، ورد الاعتبار معناه أن تعود إليه نياشينه وأوسمته بكل مزاياها ونريد أيضاً أن يرد اعتباره على الملأ.

■ألم يحاول هو أن يطالب بذلك فى حياته؟

- هو كان يرفض، ويعتبر ذلك إهانة لكن مع محاولات مكثفة بدأ يتقبل الأمر ومنذ ستة أشهر أو أكثر قليلاً عندما مرض اتصل بنا المشير حسين طنطاوى ولامنا أننا لم نخبر القوات المسلحة بمرض أبى، وتكفلت القوات المسلحة بعلاجه بالكامل وهنا تشجعنا فبدأنا بشكل غير رسمى نسأل عن مصير حقوق أبى وعرفنا بطرق غير رسمية أن ملفه موجود فى الرئاسة.

وسنشكو صحيفة «الأهرام» لأنها زورت الصور الرسمية لحرب أكتوبر فى غرفة العمليات. زوروا الصور بالفوتوشوب ورفعوا صورة أبى ووضعوا صورة حسنى مبارك وهذا تزوير وكذب فى البروتوكول العسكرى، داخل غرفة العمليات قادة الجيوش ورؤساء الأسلحة لا يكلمون الرئيس مباشرة، ده تزوير فظيع نعيشه منذ 30 سنة نقرأ أشياء غير حقيقية حتى الصورة زورها.

■خلاف الفريق الشاذلى مع «السادات» مفهوم ومبرر.. لكن لماذا وقع الخلاف مع «مبارك»؟

- هذا هو اللغز وأنا أعتقد أن «مبارك» تعامل مع أبى على أنه خصم ثقيل الوزن، إذن فهو يريد أن يزيحه من طريقه، وأعتقد بقوة أن «مبارك» كان يغار من والدى وعندما ننظر للأمور نجد أن السادات حرك قضية إفشاء الأسرار العسكرية وفشلت وحفظت، لكن ما هو سبب تحريك حسنى مبارك سنة 83 القضية مرة أخرى. لم يكن هناك أى مبرر لمبارك غير الغيرة، «مبارك» كان يريد التخلص من أى خصوم، لذا كان لابد أن يتخلص من أى منافس محتمل.

■ألم يحدث أى خلاف سابق بين «مبارك» والشاذلى؟

- أبداً لم يحدث وكانت علاقتهما عادية لكنه حبسه سنة ونصف السنة.

■شهدت العلاقة بين الفريق سعد الشاذلى و«السادات» محطات مهمة بين الصعود والهبوط اتفاقاً وخلافاً.. ما طبيعة الخلاف بين الرئيس السابق والفريق؟

- الخلاف كان حول تطوير الهجوم وهو خلاف أصبح معروفاً ومفهوماً للجميع.

■بعد تلك السنوات هل ترين أن الفريق سعد الشاذلى كان ضحية لاقترابه من «السادات» و«مبارك» من بعده؟

- هو حارب حتى النهاية ولم يستسلم أبداً ولا أعتقد أنه ضحية فهو لم يكن يقبل أن يكون ضحية. كان يقف أمام كل خصومه مصراً على رأيه وموقفه لأنه كان عنيداً.

■هناك أقاويل حول تعرضه لعدة محاولات اغتيال.. ما حقيقة ذلك؟

- هذه حقيقة وقد حدثت عدة محاولات للتضحية به، بدءاً من محاولة أنور السادات التخلص منه أثناء الحرب بعدما اكتشف على أرض الواقع أن آراءه العسكرية هى الأصوب وأصبح كلامه حقيقة، ولو اتضح صدق كلام ورؤية الشاذلى أمام الرأى العام لكان موقف السادات سيئاً لذلك قرر التخلص منه، والمشكلة وقتها أن سعد الشاذلى كانت له شعبية ضخمة جداً ومن الصعب التخلص منه مباشرة لذلك أبعده إلى لندن أولاً كسفير لكن كانت هناك عدة محاولات للتخلص منه واغتياله.

■هل تعتقدين أن شعبية الفريق الشاذلى أنقذته من محاولات الاغتيال؟

- أيام أنور السادات طبعاً شعبية أبى شكلت حائط صد لحمايته، وللحقيقة أيضاً كان يريد أن يكرمه أمام الجميع، حتى لا يسأله أحد عما يفعل إذا نكل بأحد قادة جيشه وهو المنتصر، وكان التعيين فى لندن جزءاً من التكريم وأبى فى البداية رفض هذا التعيين ووقتها أرسل «السادات» «مبارك» لإقناع أبى وقال أبى إنه: إذا كان الرئيس السادات يريد تكريمى فأنا أشكره ولا أريد أى مكافآت وإذا كان يريد أن يحاكمنى فأنا جاهز للمحاكمة، ثم اتصل به «السادات» وقابله فى أسوان وأقنعه بأنه ذاهب إلى لندن للاتفاق على صفقات سلاح مهمة جداً للبلد، والغريب أن أبى عندما سافر وتولى مهمة سفير مصر فى إنجلترا لم يجد لا صفقات سلاح ولا غيره.

■ما ملابسات محاولات الاغتيال التى تعرض لها الفريق «الشاذلى»؟

- عندما كان مسافراً إلى لندن جاء من أخبره بأن هناك محاولة اغتيال تدبر له ووقتها كان يحمل سلاحه الشخصى دائماً.

■هذا التهديد جاءه فى مصر أم فى لندن؟

- عندما كان فى مصر وقبل سفره عرف أن هناك من يعد لمحاولة اغتياله، هذه كانت مرة، ومرة أخرى عندما كان فى الجزائر، كانت هناك محاولة أخرى لاغتياله ووقتها أبلغ السلطات الجزائرية ووفرت له حراسة مشددة.

■متى كانت المحاولتان؟

- كانتا فى عصر «السادات».

■هل كانت هناك أى محاولات للاغتيال فى عصر «مبارك»؟

- لا، أبداً.. لم نسمع عن ذلك.

■من أبلغ الفريق «الشاذلى» بمحاولات الاغتيال تلك؟

-  صمتت لحظات ورفضت تماماً أن تكشف عمن أنقذ والدها من الاغتيال وبعد محاولات طويلة أفصحت عن اسمه، وقالت: أشرف مروان أبلغ أبى ونصحه بأن يتوخى الحذر.

■لكن «مروان» كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع «السادات»؟

- هذا حقيقى لكنه أيضاً كان صديقاً قديماً لنا وللأسرة، ونحن وأسرة عبدالناصر أصدقاء منذ سنوات طويلة وهناك علاقات عائلية قوية تربط بيننا فقد كنا جيراناً، وأسرة «عبدالناصر» كانت تسكن فوقنا فى العباسية، وكانت هناك علاقات أسرية متينة بيننا.

■ما تفاصيل محاولة الاغتيال التى أبلغها «مروان» للفريق الشاذلى؟

- لم تكن هناك أى تفاصيل هو فقط أبلغه لتوخى الحذر.

■كيف رأى الفريق الشاذلى محاولات صديقه القديم «السادات» لاغتياله؟

- هو كان يتعامل على أن هناك من يحاربه، وهو بالتالى كان يدافع عن نفسه، لكنه لم يحزن ولم ينظر إلى عشرة عمر أو رفقة سلاح أو غيره، كانت بالنسبة له حربا وهو يديرها.

■نعود للفترة التى سجن فيها وخروجه من السجن.. هل ابتعد عنه أصدقاؤه وكيف تعامل معه الناس؟

- كان يلقى كل حب وود من الجميع، وكثيراً ما كان يفاجأ بأشخاص لا يعرفهم يكلمونه ويسألون عنه، وكان للحقيقة هناك حسين الشافعى وعبدالقادر حاتم وأحمد حمروش، من الناس التى ظلت على اتصال وعلاقة قوية مع أبى، وهناك البعض آثر السلامة وابتعد عن أبى خوفاً من النظام لكنه لم يسكت، يوم أن خرج أجرى حواراً مع جريدة الشعب، أكد فيه أنه ثابت على موقفه ثم تحدث لـ«الجزيرة» بعد ذلك.

■هل كانت له صداقات مع ملوك أو رؤساء عرب؟

- لا، أبداً.. لكنه عندما ترك منصبه كسفير لمصر فى البرتغال وأبدى اعتراضاً على اتفاقية كامب ديفيد وهاجمها بقوة، تلقى عدة اتصالات ودعوات من مختلف الملوك والأمراء العرب، أذكر منهم صدام حسين وأكثر من دولة عربية لكنه فضل الجزائر واستقر هناك.

■لماذا اختار الجزائر تحديداً؟

- لأنها كانت الدولة الوحيدة التى بها قيادة جماعية ولم يكن المسيطر عليها فردا، مثل باقى الدول العربية وقتها، أبى أراد أن يكون فى ضيافة دولة لا فرد أياً كان.

■كيف كان يرى الأوضاع فى مصر فى السنوات الأخيرة.. مع ازدياد الأوضاع سوءاً؟

- هو كان غالباً صامتاً لا يعلق وكان قد دخل مرحلة الشيخوخة، لكن عندما كنت أثور على الأوضاع وأقول له إن هذا الشعب الصامت لن يثور ولن يتحرك، كان يقول لى: «لا، هم فقط يريدون قدوة، وكان يعلق: إذا كان الحكام والناس اللى فوق يكذبون ويسرقون ماذا تريدين من الشعب، هذا الشعب عظيم، وينتظر فقط القدوة التى تحركه».

■ماذا قال عن الثورة مؤخراً؟

- هو لم يكن يتكلم كثيراً ولم يعلق، كانت حالته الصحية تمنعه، وعندما حكيت له فى الأيام الأخيرة عن الثورة وما حدث فيها علق قائلاً «نهبونا»، وكانت كافية ولم يقل شيئاً آخر.

■ما أكثر الأوقات العصيبة التى مرت عليكم كأسرة؟

- هو لم يكن يشعرنا أبداً بأى شىء، كان قوياً وكنا نعمل معه طوال الوقت من أجل نشر الكتاب، وحاولنا كثيراً وقاتلنا لننشره لدرجة أن دور نشر إنجليزية وأمريكية كانت ترحب وتوافق فوراً على نشر كتاب الفريق سعد الشاذلى، ثم يعودون ويعتذرون بحجج مختلفة، وطبعاً أنا كنت متفهمة أن هناك ضغوطاً ما تمارس عليهم لدرجة أنى ذهبت إلى ناشر أمريكى متخصص فى الكتب العسكرية ووقتها رحب جداً بالكتاب وقال لى إنه سينشر كتاباً لقائد عسكرى إسرائيلى عن حرب أكتوبر، وسيكون كتاب الفريق الشاذلى مفاجأة، لكنه بعد أسبوع تهرب منى واعتذر حتى نشرت أنا الكتاب بنفسى، وعندما عاد من الجزائر قبض عليه فى المطار، وكنا طوال يومين كاملين لا نعرف مكانه ولا أين هو حتى اتصلت بوكالات أنباء عالمية، لفضح الأمر وأعتقد أن وقت اختفائه بعد عودته مباشرة من الجزائر أصعب وقت، وقتها وصل مطار القاهرة ولم يخرج، ولم نكن نبكى أو أى شىء من هذا القبيل، كنا معتادين على العمل، كل واحد منا أنا وأخوتى، كان له دور وعمل يقوم به.

■هل تذكرين أول زيارة قمت بها له فى السجن؟

- نعم كان يسأل عن الأخبار وماذا يحدث فى الخارج، وكانت كل جرائد المعارضة تكتب وكان يريد أن يعرف ماذا يُكتب.

■هل تذكرين أول ما قاله لكم عند مقابلتكم فى السجن؟

- كان قوياً وهادئا كعادته، سألنا عن طبيعة الأخبار ورد فعل الشارع، وقلنا له ما كتبته صحف المعارضة وهو كان منظماً، عندما دخل السجن طلب عجلة رياضية ليمارس عليها رياضته، وكان كل شىء عنده بنظام، وأجمل ما فى الأمر أننا أبداً لم نشعر بأنه مهزوم، صحيح كانت أياماً صعبة، لكننا مررنا منها بقوة، وأصعب اللحظات عندما قال عنه «السادات» إنه انهار فى غرفة عمليات الجيش، وقتها قرر أن يكتب مذكراته، وقال: «إذا كان أنور السادات يكذب فإننى لن أصمت وسأكتب مذكراتى».

زوجته: «مصطفى الفقى» سألنى عن صحة زوجى فقلت له: «أحذركم من أن تقتلوه فى السجن»

لم تتمالك السيدة زينات السحيمى، زوجة الفريق سعد الدين الشاذلى نفسها، أجهشت فى البكاء وهى تحكى تفاصيل الأيام الأخيرة فى حياة رئيس أركان الجيش المصرى فى حرب أكتوبر الذى توفى قبل أيام.. رفيقة درب الفريق الشاذلى والأمينة على أدق أسراره، أكدت أن زوجها كان عاشقاً للعسكرية، كتوماً لدرجة أنها تفاجأت بعبور القوات المسلحة قناة السويس مثلها مثل باقى المصريين.

تعتبر زوجة رئيس أركان حرب أكتوبر، الحروب هى أصعب أيام حياتها رغم أن أيام السجن كانت صعبة، لكن الحروب الخمس التى خاضها هى الأصعب على الإطلاق، ترى زوجة الفريق أن مبارك ظلم زوجها بشدة، وتؤكد أن الشاذلى كان يعتقد أن السادات مجرد يوزباشى سابق عديم الخبرة الحربية.. وتكشف عن العديد من الأسرار خلال هذا الحوار..

■ما أهم الصفات التى تميز بها الفريق سعد الشاذلى؟

- منذ أن تزوجنا حتى وفاته هو رجل عسكرى.. عسكرى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، طوال عمرى كنت «ست بيت»، وكنت مع بناتى الثلاث دائماً فى البيت، وهو كان مشغولاً دائماً بعمله، وكان صامتاً دائماً لا يتكلم، عمله خط أحمر ممنوع الاقتراب منه أو الكلام عنه مطلقاً.

تصمت قليلاً: تخيل أنه طوال 67 عاماً عشتها معه لم يتكلم معى أبداً عن الجيش أو عن عمله، وعندما تولى عمله فى رئاسة الأركان كان يسافر ويعود ولا أعرف شيئاً عنه ولا أعرف أنه سافر إلا عندما كان يعود ويقول لى إنه كان مسافراً ولم يكن حتى يقول إلى أين، وكان هناك عرف عام بيننا يقضى بألا أكلمه أبداً فى عمله.

■ألم يخبرك بموعد حرب أكتوبر أو يلمح لك حتى؟

- أبداً.. والله العظيم ما كنت أعرف.. وأذكر يومها كانت عندى خياطة وابنة أحد جيراننا، وفجأة قالت لى ابنة الجيران إن الجيش المصرى عبر القناة بالفعل، وبالصدفة كنت ساعتها أقول للخياطة وكنا نستمع للراديو: «هايوجعوا دماغنا بالحرب» واندهشت جداً لأنه لم يخبرنى، وكنت أشك أن مصر ستحارب، كنت دائماً أقول له: «والله إنتم لا هاتحاربوا ولا حاجة وأهو كلام فاضى وخلاص».

■وكيف كان رد فعله عندما تقولين له ذلك؟

- لم يكن يرد، كان يصمت وهو بصفة عامة كان كلامه قليلاً، هو كإنسان كان هادئاً لكنه كان رجلاً عظيماً ورب أسرة ممتازا، وأذكر عندما أنجبنا البنات الثلاث كان نفسى فى ولد، فقال لى لا تقلقى سوف أجعلهن مثل الرجل وأكثر، وبالفعل رباهن أحسن تربية وجعلهن يعتمدن على أنفسهن، وابنتى شهدان كانت أول بنت فى مصر تقفز بالباراشوت.

■هل كان يشعر بمرارة وألم مما حدث له فى السنوات الأخيرة؟

- هو كان كتوماً جداً ولم يكن أحد يعرف ما بداخله، لكننى كنت أشعر وأحس به، أكيد عندما وضعوه فى السجن لم يكن سعيداً، كان متألماً، لكنه حرص على ألا يشعر أحدا بذلك.

■طوال تلك الرحلة الطويلة مع الفريق سعد الشاذلى ما أصعب اللحظات التى مرت عليك؟

- الحروب كانت أصعب شىء مر بنا.. لقد اشترك فى كل الحروب التى دخلتها مصر، من حرب 48 فى فلسطين، حتى نصر أكتوبر.. كانت أياماً صعبة فى الحروب، لأننا كنا لا نعرف عنه شيئاً، وكان يختفى لفترات طويلة دون أى اتصال، كان جيراننا يتكلمون فى التليفون لطمأنة أسرهم وهو أبداً لا يتصل ولا يتكلم.

■وكيف عشت خلال فترة المنفى بالجزائر؟

- عندما ذهبنا للجزائر كنت لا أفهم فى البداية اللهجة الجزائرية، كانت صعبة علىّ ولكن عشت بين هؤلاء الناس 14 سنة ولم أر مثلهم أبداً، كانوا ملائكة وتعاملوا معنا كرئيس جمهورية.. عدت من الجزائر بالكثير من الذكريات الرائعة، عاملونا معاملة راقية جداً.

■ماذا قال لك عن حرب أكتوبر وتداعياتها؟

- أبداً.. لم يقل شيئاً كان ما يقوله فى العلن هو الذى يقوله بيننا هنا فى البيت، هو كان كتوماً ويكتم فى نفسه ولا يتكلم، وأذكر أنه لما دخل السجن أخفى أيضاً مشاعره الحقيقية ولم يقل بسهولة ماذا يدور بداخله لكننى شعرت بحجم ألمه، فى البداية احتجز فى المستشفى وفجأة أخلي المستشفى تماماً، بعدما تجمع حوله الضباط والمرضى وبقى هو وحده فى دورين كاملين.. وكان مثل الحبس الانفرادى.

■ماذا قال لك فى أول زيارة بالسجن؟

- وصلت القاهرة من الجزائر قبله وكنت يومها أنتظره فى المطار ووصلت الطائرة، ولكنه لم يخرج ووجدنا المطار مغلقاً، وقالوا إن هناك تشريفة ومنعونا من الدخول، وعرفنا أن الطائرة وصلت وأن سيارة مجهولة أخذته.. وقتها بحثنا عنه لمدة يومين كاملين لا نعرف أى جهة أخذته ولا أين هو ولا ما هو مصيره، وبعد ذلك اتصلت برئاسة الجمهورية أعتقد أن مصطفى الفقى كان فى مكتب الرئيس، وقلت له إذا لم أجد زوجى فسوف أذهب إلى قصر الرئاسة وأقف أمامه بعدها مباشرة أخبرونا عن مكانه، وبعد ذلك قابلت مصطفى الفقى وكان فى الرئاسة وقتها.. كان الفريق سعد مازال فى السجن فوجدته يسألنى كيف هى صحة الفريق الشاذلى فصحت فى وجهه، صحته جيدة، أنتم ستشيعون أنه مريض حتى تعلنوا انتحاره، الفريق سعد الشاذلى بخير وصحته جيدة، كنت أخاف وقتها أن يتخلصوا منه فى السجن ويقولوا إنه كان مريضاً أو أصيب باكتئاب وانتحر أو أى شىء من هذا القبيل، وقتها عرضوا عليه أن يكتب ورقة اعتذار لكنه رفض بشدة، وتدخلت جهات كثيرة لإقناعه لكنه أصر على الرفض وقال: «أنا لم أخطئ لأعتذر».

■ماذا كان رأيه فى الرئيس مبارك؟

- كان يقول عنه إنه رجل مطيع جداً وينفذ الأوامر بشكل ممتاز، وكان بعد ذلك متعجباً جداً مما فعله معه الرئيس مبارك، كان يقول «هو بيعمل كده ليه»، وفى الحقيقة أنا شخصياً حتى الآن لا أعرف لماذا كان يفعل هذه الأشياء مع سعد، ولا أجد مبرراً غير الغيرة، وكان يضايقنى جداً اختصار حرب أكتوبر كلها فى الضربة الجوية الأولى فقط، وهذا طبعاً كان يضايق سعد الشاذلى لكنه لم يكن يقول، كان يتضايق جداً من كذب الرؤساء، مثلما فعل معه السادات.

■وماذا كان رأيه فى الرئيس عبدالناصر؟

- كان يحبه جداً وكانت هناك علاقات أسرية تربطنا من قبل الثورة، وكنا جيراناً فى العباسية، لكنه أبداً لم يستغل تلك العلاقة بل على العكس فالرئيس عبدالناصر طلب مرة واحدة طلباً من سعد لكنه رفضه، ومن قتها لم يطلب منه شيئاً.

■ما هذا الطلب؟

- كان هناك عرف وقتها أن أى وزير يأتى من المخابرات، ووقتها طلب عبدالناصر من سعد أن ينضم للمخابرات، لكن سعد رفض وتعلل بأنه لا يفهم فى عمل المخابرات وليست مهنته التى يمكن أن ينجح فيها، وطلب من عبدالناصر أن يتركه فى الجيش كما هو ووافق عبدالناصر.

■وماذا عن رأيه فى الرئيس السادات قبل حرب أكتوبر؟

- كان يحبه وكانت علاقتهما جيدة جداً قبل الحرب، صحيح لم تكن هناك علاقات عائلية بيننا، لكن هناك صلة نسب بين أسرتى وأسرة جيهان السادات، وهو كان يراه عسكرياً متواضعاً، فقد كان السادات فى سلاح الإشارة وكانت رتبته عندما خرج من الجيش «يوزباشى» لكنه كان يرى أنه سياسى ممتاز.

■كيف كانت أيامه الأخيرة؟

- لم تتمالك نفسها وأجهشت فى بكاء حار، لم تقل غير أنه كان «تعبان ومريض» للغاية.

■بعيداً عن السياسة.. هل كان الفريق الشاذلى رومانسياً؟

- ضحكت وقالت: للأسف لا.. كان رومانسياً فقط عندما كان مريضاً، هو للحقيقة كان رجلاً شديداً وعسكرياً فى تصرفاته، لكنه للحقيقة كان رجلاً واضحاً ومباشراً ونظيفاً جداً لم يقم يوماً بتصرف مشين أو عليه شائبة، لكنه كان حنوناً على أسرته وبناته.

الأربعاء، فبراير 16، 2011

نحتسبهم شهداء عند الله (( صور 50 شهيد من شهداء ثورة الغضب ))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وبعد؛
فإن الأمة المصرية تمر اليوم بمرحلة بالغة الخطورة، تستوجب أن يقوم العلماء والدعاة وأصحاب الرأي والحكماء بواجبهم نحو مناصحة أمتهم.
والموقعون على هذا البيان يتوجهون إلى مختلف طوائف الأمة بما يلي:
أولاً: إن المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتعاون على البر والتقوى، وترك التعاون على الإثم والعدوان.
ثانيًا: إن الأمة لن تسمح بالمساس بالمادة الدستورية التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، واحترام مرجعية الشريعة الإسلامية وأنها المصدر الرئيس للتشريع، وذلك لأنها صمام الأمن والأمان والسلام لجميع أفراد الوطن مع التأكيد على ضرورة إلغاء قانون الطوارئ وكل ما يشير إليه.
ثالثًا: لقد اتجهت الأمة اليوم بكل طوائفها نحو التغيير والإصلاح بما لا يجوز تعويقه، ولا الإبطاء في إنجازه، وإن إقامة العدل وتحقيق التنمية وإصلاح الحكم ومؤسساته –هو اختيار الشعب الذي يمثل الاستقرار المنشود. وهذه المطالبات السلمية المنضبطة لا تعد خروجًا على الشرعية، أو مخالفة للشريعة الإسلامية.
رابعًا: إن تحقيق الأمن والسلام والتكافل والتراحم بين فئات المجتمع مرهون بإجابة مطالب الشباب المشروعة، وإعطاء الضمانات الكفيلة بتأمين جموع المتظاهرين، واتخاذ الإجراءات التي تكشف عن صدق النوايا، والتي يمكن إعادة بناء جسر الثقة والمصداقية الذي انهار بسبب ما وقع من أخطاء ونقض للعهود.
خامسًا: تؤكد قوى المجتمع على حفظ مكتسباتها وتطالب بالوقوف خلف مطالب الشباب، وإنجاز التغيير في الاتجاه الصحيح، دون انزلاق مع توجهات منحرفة، أو شعارات مضللة، وتنبه إلى أن هذه المطالب تتفق مع جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية فضلاً عن إجماع الأمة.
سادسًا: يناشد الجميع المسئولين عن البلاد بحقن الدماء وحفظ الأرواح وضبط الأمن، وسرعة اتخاذ الإجراءات لمحاسبة الفاسدين دون إبطاء تحقيقًا لمصالح البلاد والعباد.
سابعًا: يحتسب الموقِّعون على هذا البيان المقتولين من أهل الإيمان بسبب الاعتداء عليهم -شهداء عند الله تعالى، ويستحق أهلهم تعويضًا عما لحقهم من الخسائر والأضرار في الأنفس والممتلكات.
ثامنًا: على جموع المتظاهرين أن يعملوا على حفظ مطالباتهم بسلوك الطرق السلمية في التعبير والمطالبة، والبعد عن كل ما يعرِّض هذا الجمع للأخطار، وكل ما يؤدي إلى الإضرار بالوطن والمواطنين، ويوجد ذرائع البطش والتنكيل.
تاسعًا: يشيد الموقعون على هذا البيان بالموقف الوطني المشرف للجيش المصري ورسالته في حفظ أمن الوطن والمواطنين.
عاشرًا: ندعو جموع الشعب المصري إلى إشاعة الرحمة والرفق، والعفو والصفح، عن كل من أساء أو اعتدى بشرط تحقق المطالب، ونجاح المقاصد، قال -تعالى-: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله إنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين) (الشورى:40).
حفظ الله مصرنا آمنة مطمئنة، وحمى شبابها ورجالها، وولّى عليها خيارها، وجعل ولايتها فيمن خافه واتقاه واتبع رضاه، برحمته إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، والحمد لله رب العالمين.
القاهرة، ليلة السبت الموافق: 2/3/1432هـ- 5/2/2011م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
الموقعون على البيان:
1- أ.د. نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية سابقًا.
2- أ.د. عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعتي الأزهر وأم القرى.
3- أ.د. علي أحمد السالوس أستاذ الفقه والأصول والنائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.
4- أ.د. مروان شاهين أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
5- أ.د. الخشوعي الخشوعي محمد وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا.
6- د. يحيى إسماعيل أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا.
7- د. عبد المنعم البري الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
8- أ.د. عمر عبد العزيز الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر.
9- أ.د. محمد عبد المقصود داعية إسلامي.
10- د. محمد إسماعيل المقدم داعية إسلامي.
11- فضيلة الشيخ مصطفى محمد داعية إسلامي.
12- د. سعيد عبد العظيم داعية إسلامي.
13- د. ياسر برهامي داعية إسلامي.
14- د. محمد يسري إبراهيم المستشار بجامعة المدينة العالمية.
15- د. صفوت حجازي داعية إسلامي.
16- د. محمد عبد السلام داعية إسلامي.
17- د. أحمد النقيب داعية إسلامي.
18- فضيلة الشيخ خالد صقر داعية إسلامي.
19- د. عطية عدلان عطية الأستاذ بجامعة المدينة.
20- د. أحمد فريد داعية إسلامي.
21- فضيلة الشيخ أحمد هليل داعية إسلامي.
22- د. هشام عقدة داعية إسلامي.
23- د. هشام برغش داعية إسلامي.
24- د. محمد رجب داعية إسلامي.
25- فضيلة الشيخ نشأت أحمد داعية إسلامي.
26- د. ياسر الفقي المدرس المساعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر.
27- د. وليد الجوهري داعية إسلامي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صور 50 شهيد من شهداء ثورة الغضب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ